إن أكثر المخدوعين الذي يرددون أن ضربات الحظ هي التي تحكم دنيا الناس... يشيرون لك بأصابع واثقة إلى هذا أو ذاك ممن أنعم الله عليهم من فضله، ويقسمون بأغلظ الأيمان أنه لولا الحظ "الأعمى" ما كان لهؤلاء أن يكونوا شيئا مذكوراً.
بل ربما يسيؤون الأدب مع الله، وهو الرازق والمسيِّر لأمورنا بأن عطاءه ليس دائما، في الإتجاه الصحيح، وحاشاه جلّ اسمه عما يقال - ولو تلميحا - فتدبيره سبحانه هو العدل؛ بيد أن العدل للكسالى ليس بالأمر المحبب.
هذا شيء في غاية الأهمية، وهو أن التوفيق - أو الحظ كما يحلو للبعض أن يسميه - لا يأتي إلا لأشخاص لهم سمات معينة... ولك المثال:
لاعب الكرة الذي يحرز هدفا لا بد أن يركض سريعا.. لكن ليس كل من يركض سريعا سيحرز هدفا!
ومندوب المبيعات الذي باع كل ما يحمله من منتجات طرق الكثير من الأبواب، وليس كل من طرق الأبواب باع كل ما لديه!
والطالب الذي نال المركز الأول على دُفعته ذاكر كثيرًا.. وليس كل من ذاكر أصبح في المركز الأول!
ما الذي أعنيه من تلك الأمثلة؟
أعني أننا يجب أن نفعل كل ما لدينا، ونبذل الجهد كاملا، ثم ننتظر توفيق الله، الذي ربما يدفعنا للأمام خطوات إضافية.
في المثل الصيني:<< إن الله يعطي لكل طائر نصيبه من القمح، لكنه لا يلقيه له في العش>>.
يجب أن يطير الطائر إلى أبعد مسافة ممكنة؛ كما يجب أن يذهب الطامح منا إلى آخر الحدود التي يمكن أن يجد عندها حلمه وهدفه؛ بعدها يتوقف تماماً راضياً عما كتبه الله له؛ ممتناً لفضل الله عليه؛ طامحاً في المزيد من فضله وجوده؛ لكن قبل أن يبذل جهده؛ فلا يجب أبداً أن يتجرأ ويطلب شيئًا.
التوفيق دائما ما يأتي لأصحاب الصفوف الأمامية، نادرا ما يخالف طبيعته ويسقط في كفٍّ خامل أو كسول، والتوفيق يأتينا كثيرا ويطرق الأبواب، لكن معظمنا لا يكون مستعدا لفتح الباب؛ وذلك لأننا في الغالب لا نكون منتبهين أو متيقظين؛ فيستقبله من يستحق، وحينها نرقبه جميعا بغيرة؛ ظانين أن الحظ قد ألقى عليه بالفضل كله؛ وليس في الأمر ثمة حظ أو محاباة؛ إنه التوفيق والفضل الإلهي، يعطيه الله لمن يستحق.. ويحرمه ما دون ذلك.